وسط قلق حقوقي.. جدل داخل الحكومة الألمانية حول ترحيل السوريين

وسط قلق حقوقي.. جدل داخل الحكومة الألمانية حول ترحيل السوريين
مهاجرون سوريون - أرشيف

تفاقم الخلاف داخل الحكومة الألمانية بشأن استئناف عمليات الترحيل إلى سوريا، بعدما دخلت وزارتا الداخلية والخارجية في مواجهة علنية حول إمكانية تنفيذ القرار الذي ينص على البدء بترحيل المجرمين المدانين.

وأفادت شبكة "بيلد" الألمانية، اليوم السبت، بأن وزارة الداخلية تصر على تطبيق اتفاق الائتلاف الحكومي القاضي بضرورة إعادة تقييم الوضع الأمني في سوريا وبدء عمليات الترحيل تدريجياً، في حين ترفض وزارة الخارجية هذا التوجه معتبرة أن الأوضاع في سوريا لا تزال خطيرة للغاية ولا تسمح بعودة اللاجئين بشكل آمن.

وأوضحت المصادر أن موقف وزارة الداخلية يتعارض مع تصريحات وزيرة الخارجية يوهانا فاديفول التي زارت مؤخرًا إحدى ضواحي دمشق المدمّرة، حيث قالت إنها "لم تشهد دمارًا بهذا الحجم من قبل"، مؤكدة أن "عودة اللاجئين ممكنة في حالات محدودة للغاية فقط"، في ظل الانهيار الواسع للبنية التحتية وانعدام الخدمات الأساسية.

وفي المقابل، تؤكد وزارة الداخلية أن من الممكن تهيئة الظروف تدريجيًا لعودة السوريين، مشيرة إلى أن الوكالة الاتحادية للهجرة واللاجئين استأنفت دراسة ملفات طالبي اللجوء السوريين، خصوصًا الرجال الشباب القادرين على العمل والذين لا ترافقهم أسرهم.

كما كشف متحدث باسم وزارة الداخلية أن برلين تجري مفاوضات مع دمشق حول اتفاق يتيح تنفيذ عمليات الترحيل ضمن شروط محددة تضمن مراقبة الحالات بشكل فردي.

تحفيز العودة الطوعية 

استأنفت السلطات الألمانية منذ بداية العام الجاري برامج دعم المغادرة الطوعية، في محاولة لتقليل أعداد السوريين المقيمين في مراكز الإيواء المؤقتة.

وكان المبعوث الألماني الخاص إلى سوريا، ستيفان شنيك، قد أعلن في أبريل الماضي أن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بدأ منذ 13 يناير تقديم حوافز مالية للاجئين السوريين الذين يوافقون على العودة طوعًا إلى بلادهم، بهدف "تخفيف الضغط عن النظام الاجتماعي الألماني" وفق قوله.

وتتراوح المساعدات المالية بين 500 و1200 يورو للفرد الواحد، تبعًا للوضع العائلي ومدى استعداد الشخص للتوقيع على وثيقة العودة الطوعية.

خلفية سياسية وإنسانية

واجهت ألمانيا منذ عام 2015 أكبر موجة لجوء في تاريخها الحديث، حيث استقبلت ما يزيد على مليون لاجئ سوري هربوا من الحرب المستمرة منذ أكثر من 14 عامًا. ومنذ ذلك الحين، ظل موضوع الترحيل إلى سوريا محور جدل سياسي حاد بين الأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم.

ويُعد الحزب الديمقراطي المسيحي الجناح الأكثر تشددًا في ملف الهجرة، إذ يرى أن استمرار بقاء اللاجئين السوريين يثقل كاهل الاقتصاد ويزيد الضغط على الخدمات الاجتماعية. 

ويعارض حزب الخضر والحزب الديمقراطي الاجتماعي أي خطوة لإعادة السوريين قسرًا، مشيرين إلى التقارير الدولية التي توثق استمرار الاعتقالات التعسفية والانتهاكات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري.

تحركات حقوقية وتحذيرات

حذرت منظمات حقوقية ألمانية ودولية، منها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، من أن أي عملية ترحيل قسري إلى سوريا "قد تشكل انتهاكًا للقانون الدولي"، إذ لا تزال البلاد تُصنّف على أنها "غير آمنة للعودة".

وأكدت التقارير أن العديد من اللاجئين العائدين من دول مجاورة واجهوا الاعتقال والتعذيب والاختفاء القسري بعد عودتهم.

وتطالب هذه المنظمات الحكومة الألمانية بتجميد خطط الترحيل والتركيز بدلًا من ذلك على دمج اللاجئين وتوفير فرص عمل لهم ضمن برامج مؤقتة، ريثما تتضح ملامح الحل السياسي للأزمة السورية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية